ماهي البصيرة عند الدين الاسلام

يا سارية الجبل حادثة مشهورة وقعت لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ما أن يُخبت قلب العبد لرب العالمين ، وتذوق جوارحه لذة النَّصَب في العبادة

هذا النور الذي يرافقه في سَيْره إلى الله تعالى ، يهديه إلى مسالك الرشد .

فيفرق به بين الحق والباطل ، والصدق والكذب ، والسنة والبدعة .

إن هذا النور منحة ربانية لا تشاهدها الأبصار ، ولا تصفها الكلمات

قال تعالى : ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

فهذا مثل للذي هداه الله بعد الضلالة ، وأضاء بصيرته بنور الحجج والآيات يتأمل بها الأشياء

فيميز بين الحق والباطل

ويجد الإنسان في قلبه هذا النور

فتتكشف له حقائق الوجود وحقائق الحياة وحقائق الناس وحقائق الأحداث التي

تجري في هذا الكون وتجري في عالم الناس

ويجد الإنسان في قلبه هذا النور

فيجد الوضوح في كل شأن وفي كل أمر وفي كل حدث .

وجد الوضوح في نفسه وفي نواياه

ويجد الوضاءة في خواطره ومشاعره وملامحه

ويجد الراحة في باله وحاله وقاله

ويجد الرفق واليسر في إيراد الأمور وإصدارها ،ة وفي استقبال الأحداث واستدبارها

قال تعالى : ( قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا

قال القرطبي : « قد جاءكم آيات وبراهين يُبصر بها ويُستدل . جمع بصيرة وهي الدلالة ، ووصفها بالمجيء لتفخيم شأنها ؛

إذ كانت بمنزلة الغائب المتوقع حضوره للنفس .

وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ

يقول ابن القيم : « أي البصائر في دين الله عز وجل

فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم في الدين والبصر بالتأويل ، ففجرت من

كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد سُئل : هل خصكم

رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس ؟ فقال : « لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة !

ومن عقوبات المعاصي أنها تُعمي بصيرة القلب ، وتطمس نوره ، وتسد طرق

وقد قال مالك للشافعي - رحوهما الله - لما اجتمع به ورأى مخايل النجابة عليه : « إني أرى الله تعالى قد ألقى عليك نوراً

ولا يزال هذا النور يضعف ويضمحل ، وظلام المعصية يقوى حتى يصير

فكم من مهلكة يسقط فيها ولا يبصرها ، كأعمى خرج بالليل في طريق ذات مهالك ومعاطب ...

ثم تقوى تلك الظلمات وتفيض من القلب إلى الجوارح

فيغشى الوجه منها سواد بحسب قوتها وتزايدها

فإذا كان يوم المعاد وحُشر العباد علت هذه الظلمة الوجوه علواً ظاهراً يراه كل أحد.

فيا لها من عقوبة لا توازن لذات الدنيا بأجمعها من أولها إلى آخرها.

إنها صورة تستوجب اليقظة الدائمة ...

والحذر الدائم..

اليقظة لخلجات القلب وخفقاته ولفتاته ...

والحذر من كل همة فيه وكل ميل مخافة أن يكون انزلاقاً ...

والاحتياط الدائم للمزالق والهواتف والهواجس ...

والتعلق الدائم بالله سبحانه مخافة أن يقلب هذا القلب في سهوة من سهواته

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم يكثر من دعاء :

اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

7- أن الشيطان لا يهمه معصية بذاتها , بل يهمه وقوع الإنسان في المعصية , فإذا فشل في جانب انتقل إلى جانب آخر , وهكذا حتى يوقع الإنسان في المعصية – والعياذ بالله – وأما النفس فتصر على معصية معينة , لا يقع عنها الإنسان إلا بصعوبة .

مثل ذلك : أن هو النفس مثل النمر إذا حارب لا ينصرف إلا بقمع بالغ , وقهر ظاهر , ومَثَلُ الشيطان مَثَلُ الذئب إذا طردته من جانب دخل من جانب آخر .